فصل: السنة الرابعة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 السنة الرابعة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر

وهي سنة تسع وستين‏:‏ فيها كان بالبصرة طاعون الجارف‏.‏

قال المدائني‏:‏ حدثني من أدرك الجارف قال‏:‏ كان ثلاثة أيام مات فيها في كل يوم سبعون ألفًا‏.‏

وقال خليفة‏:‏ قال أبو اليقظان‏:‏ مات لأنس بن مالك ثمانون ولدًا ويقال سبعون ولدًا وقيل مات لعبد الرحمن بن أبي بكرة في الطاعون المذكور أربعون ولدًا‏.‏

وقل الناس بالبصرة جدًا حتى إنه ماتت أم أمير البصرة فلم يجدوا من يحملها إلا أربعة بالجهد‏.‏

ومات لصدقة بن عامر العامري في يوم واحد سبعة بنين فقال‏:‏ اللهم إني مسلم مسلم‏.‏

ولما كان يوم الجمعة خطب الخطيب وليس في المسجد إلا سبعة أنفس وامرأة فقال الخطيب‏:‏ ما فعلت الوجوه فقالت المرأة‏:‏ تحت التراب‏.‏

وقيل‏:‏ إنه توفي في هذا الطاعون عشرون ألف عروس‏.‏

وقد اختلف في سنة هذا الطاعون فمنهم من قال في هذه السنة وقال بعضهم‏:‏ في سنة سبعين وقال آخر‏:‏ في سنة اثنتين وسبعين وقيل غير ذلك‏.‏

وهذا الطاعون يكون سابع طاعون في الإسلام فإن الأول كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والثاني طاعون عمواس في عهد عمر رضي الله عنه والثالث بالكوفة في زمن أبي موسى الأشعري والرابع بالكوفة أيضًا في زمن المغيرة بن شعبة والخامس الطاعون الذي مات فيه زياد ثم الطاعون بمصرفي سنة ست وستين‏.‏

وفيها شرع الخليفة عبد الملك بن مروان في عمارة القبة على صخرة بيت المقدس وعمارة جامع الأقصى وقيل‏:‏ بل كان شروعه في ذلك سنة سبعين‏.‏

وفيها عزل عبد الله بن الزبير ابنه حمزة عن إمرة العراق وأعاد أخاه مصعب بن الزبير‏.‏

فقدمها مصعب وتجهز وخرج يريد الشام لقتال عبد الملك بن مروان وخرج عبد الملك أيضًا من الشام يريد مصعب بن الزبير فسار كل منهما إلى آخر ولايته وهجم عليهما الشتاء فرجع كل منهما إلى ولايته‏.‏

قال خليفة‏:‏ وكانا يفعلان ذلك في كل سنة حتى قتل مصعب‏.‏

وفيها عقد عبد العزيز بن مروان صاحب الترجمة لحسان الغساني على غزو إفريقية‏.‏

وفيها اجتمعت الروم واستجاشوا على من بالشام فصالح الخليفة عبد الملك بن مروان ملكهم على أن يؤدي إليه في كل جمعة ألف دينار خوفًا منه على المسلمين‏.‏

هكذا ذكر ابن الأثير هذه الواقعة في هذه السنة وقال غيره‏:‏ إنها في غير السنة‏.‏

وفيها توجه مصعب بن الزبير إلى مكة ومعه أموال كثيرة ودواب كثيرة فقسم في قومه وغيرهم ونحر بدنًا كثيرة‏.‏

وفيها حكم رجل من الخوارج بمًنى وسل سيفه وكانوا جماعة فأمسك الله بأيديهم فقتل ذلك الرجل عند الجمرة‏.‏

وفيها حج بالناس مصعب بن الزبير وكان على قضاء الكوفة شريح وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة‏.‏

وفيها توفي الأحنف بن قيس التميمي البصري أبو بحر واسمه الضحاك بن قيس بن معاوية بن الحصين وكان أحنف الرجلين والحنف‏:‏ الميل وهو من الطبقة الأولى من التابعين من أهل البصرة‏.‏

أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره‏.‏

قلت‏:‏ وأخبار الأحنف مشهورة تغني عن الإطناب في ذكره وقد تقدم ذكر وفاته والصحيح في هذه السنة‏.‏

وفيها توفي أبو الأسود الدؤلي البصري الكناني واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان وهو من الطبقة الأولى من تابعي البصرة وهو أول من وضع علم النحو ومات بالطاعون‏.‏

وفيها قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد أبي أحيحة بن العاص بن أمية الأشدق سمي الأشدق لأنه كان خطيبًا مفلقًا وقيل‏:‏ لاتساع شدقه‏.‏

وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة‏.‏

وفيها توفي قبيصة بن جابر بن وهب بن مالك أبو العلاء الأسدي من الطبقة الأولى من التابعين من أهل الكوفة وكانت أرضعته هند أم معاوية بن أبي سفيان‏.‏

وفيها توفي مالك بن يخامر السكسكي الألهانى الحمصي من الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام وقيل‏:‏ له صحبة ورواية‏.‏

وفيها توفي يزيد بن ربيعة بن مفرغ أبو عنان الحميري البصري كان شاعرًا مجيدًا والسيد الحميري من ولده‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وثلاثة أصابع مبلغ الزيادة ثلاثة عشر ذراعًا وستة أصابع‏.‏

السنة الخامسة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة سبعين‏:‏ فيها كان الوباء بمصر وقيل فيها كان طاعون الجارف المقدم ذكره في لماضية‏.‏

وفيها تحول عبد العزيز بن مروان صاحب الترجمة من مصر إلى حلوان حسبما ذكرناه في أول ترجمته واشتراها من القبط بعشرة آلاف دينار‏.‏

وفيها حج بالناس عبد الله بن الزبير‏.‏

وفيها تحركت الروم على أهل الشام وعجز عبد الملك بن مروان عنهم لاشتغاله بقتال عبد الله بن الزبير فصالح ملك الروم على أن يؤدي له في كل جمعة ألف دينار‏.‏

وفيها وفد مصعب بن الزبير على أخيه عبد الله بن الزبير بأموال العراق‏.‏

وفيها بعث عبد الملك بن مروان خالد بن عبد الله بن أسيد بن أبي العاص بن أمية إلى البصرة ليأخذها في غيبة مصعب بن الزبير‏.‏

وفيها توفي الحارث بن عبد الله بن كعب بن أسد الهمداني الكوفي الأعور راوية علي رضي الله عنه‏.‏

وهو من الطبقة الأولى من التابعين من أهل الكوفة‏.‏

وقيل‏:‏ توفي سنة ثلاث وستين‏.‏

وفيها توفي عاصم بن عمر بن الخطاب وأمه جميلة بنت عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح الأنصاري وكان اسمها عاصمة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة‏.‏

وعاصم هذا هو جد عمر بن عبد العزيز الأموي لأمه‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وثمانية أصابع مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وواحد وعشرون إصبعًا‏.‏

وفي درر التيجان‏:‏ ثمانية عشر إصبعًا‏.‏

السنة السادسة من ولاية عبد العزيز وهي سنة إحدى وسبعين‏:‏ فيها حج بالناس أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير وعرف بمصر عبد العزيز بن مروان صاحب الترجمة وهو أول من عرف بها فقام من قبل أخيه أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان وعرف بمصر‏.‏

قلت‏:‏ ومن خلافة مروان بن الحكم إلى هذه الأيام والممالك مقسومة بين خليفتين‏:‏ عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان‏:‏ أما الحرمان والعراق كله فبيد عبد الله بن الزبير والشام ومصر وما يليهما بيد عبد الملك بن مروان والفتن قائمة بينهما والحروب واقعة في كل سنة‏.‏

وفيها افتتح الخليفة عبد الملك بن مروان قيسارية الروم في قول الواقدي‏.‏

وفيها نزع عبد الله بن الزبير جابر بن الأسود بن عوف عن المدينة واستعمل عليها طلحة بن عبد الله بن عوف وهو آخر وا لٍ كان له على المدينة فدام على المدينة حتى أتاه طارق بن عمرو مولى عثمان فهرب طلحة وأقام طارق بها حتى سار إلى مكة لقتال ابن الزبير‏.‏

وفيها توفي شتير بن شكل القيسي الكوفي من أصحاب علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما‏.‏

وشتير بضم الشين المعجمة وفتح التاء فوقها نقطتان وبعدها ياء تحتها نقطتان وشكل بفتح الشين المعجمة والكاف وآخره لام‏.‏

وفيها خرج عبد الله بن ثور أحد بني قيس بن ثعلبة من جهة مصعب بن الزبير بالبحر فأنتدب لقتله عبد الرحمن بن الإسكاف والتقوا بجواثا فانهزم عبد الرحمن‏.‏

وفيها توفي البراء بن عازب بن الحارث بن عدي أبو عمارة وهو من الطبقة الثالثة من الأنصار من الصحابة مات بالكوفة في أيام مصعب بن الزبير‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن خازم بن أسماء بن الصلت السلمي أبو صالح أمير خراسان‏.‏

صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه وكان مشهورًا بالشجاعة وأصله من البصرة‏.‏

وخازم بالخاء المعجمة والزاي‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي الصحابي من الطبقة الثانية من المهاجرين‏.‏

فأول مشهد شهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ثم خيبر وما بعدها‏.‏

وفيها كانت الوقعة بين عبد الملك بن مروان وبين مصعب بن الزبير وقتل مصعب في المعركة وكان مصعب من أجمل الناس وأشجعهم وهو من الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة وكنيته أبو عبد الله والمشهور أبو عيسى وكان مصعب يجالس أبا هريرة ورآه جميل بثينة بعرفات فقال‏:‏ إن هاهنا لشابا أكره أن تراه بثينة أعني لجماله‏.‏

ولما قتل مصعب بن الزبير أخذ أمر أخيه عبد الله بن الزبير في إدباره‏.‏

وقيل‏:‏ إن قتلة مصعب كانت في سنة اثنتين وسبعين وهو الأشهر أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبعة أذرع وخمسة أصابع مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعًا وتسعة عشر إصبعًا‏.‏

وفي درر التيجان‏:‏ وسبعة عشر إصبعًا‏.‏

بن مروان على مصر وهي سنة اثنتين وسبعين‏:‏ فيها بنى عبد الملك بن مروان قبة الصخرة بالقدس والجامع الأقصى وقد ذكرناه في الماضية والأصح أنه في هذه السنة‏.‏

وسبب بناء عبد الملك أن عبد الله بن الزبير لما دعا لنفسه بمكة فكان يخطب في أيام منى وعرفة وينال من عبد الملك ويذكر مثالب بني أمية ويذكر أن جده الحكم كان طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعينه فمال أكثر أهل الشأم إلى ابن الزبير فمنع عبد الملك الناس من الحج فضجوا فبنى لهم القبة على الصخرة والجامع الأقصى ليصرفهم بذلك عن الحج والعمرة فصاروا يطوفون حول الصخرة كما يطوفون حول الكعبة وينحرون يوم العيد ضحاياهم وصار أخوه عبد العزيز بن مروان صاحب مصر يعرف بالناس بمصر ويقف بهم يوم عرفة‏.‏

وفيها ولى عبد الملك بن مروان طارق بن عمرو مولى عثمان على المدينة فسار إليها وغلب عليها وأخرج منها طلحة بن عبد الله بن عوف عامل ابن الزبير وقد تقدم ذلك في الماضية‏.‏

وفيها بعث عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير فتوجه إلى مكة وحاصر ابن الزبير إلى أن قتل ابن الزبير في سنة ثلاث وسبعين على ما يأتي ذكره في محله‏.‏

وفيها كان العامل على المدينة طارقًا لعبد الملك بن مروان وعلى الكوفة بشر بن مروان وعلى قضائها عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعلى البصرة خالد بن عبد الله وعلى قضائها هشام بن هبيرة وكان على خراسان - في قول بعضهم - بكير بن وشاح وفي قول بعضهم عبد الله بن خازم‏.‏

وفيها توفي عبيدة بن عمرو السلماني المرادي أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وكان من كبار الفقهاء‏.‏

أخذ عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود‏.‏

وعبيدة بفتح العين وكسر الباء الموحدة‏.‏

وفيها على الصحيح مقتلة مصعب بن الزبير‏:‏ طعنه زائدة الثقفي وقتل معه ابنه عيسى وإبراهيم بن الأشتر ومسلم بن عمرو الباهلي‏.‏

وقد مر من أخباره في الماضية ما يغني عن ذكره هنا ثانية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وعشرة أصابع مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعًا وتسعة عشر إصبعًا‏.‏

وفي درر التيجان‏:‏ سبعة عشر ذراعًا وستة عشر إصبعًا‏.‏

السنة الثامنة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ثلاث وسبعين‏:‏ وفيها قتل أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب أبو بكر وقيل أبو خبيب القرشي الأسدي أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة وأمه أسماء بنت أبي بكر الصديق له صحبة ورواية حاصره الحجاج بن يوسف الثقفي بالبيت الحرام أشهرًا ونصب على الكعبة المنجنيق ورمى به على البيت غير مرة حتى قتل ابن الزبير وصلبه‏.‏

قيل‏:‏ إن الحسن البصري سئل عن عبد الملك بن مروان فقال الحسن‏:‏ ما أقول في رجل الحجاج سيئة من سيئاته‏.‏

وقتل مع عبد الله بن الزبير هؤلاء الثلاثة‏:‏ وهم عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي وعبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي وعبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فهؤلاء من الأشراف وأما غيرهم فكثير‏.‏

ومن يوم قتل عبد الله بن الزبير صار في الإسلام خليفة واحد وهو عبد الملك ابن مروان‏.‏

قلت‏:‏ ومناقب عبد الله بن الزبير كثيرة يضيق هذا المحل عن ذكرها‏.‏

وفيها توفيت أسماء بنت أبي بكر أم عبد الله بن الزبير المذكور بعد ابنها عبد الله بمدة يسيرة‏.‏

وفيها غزا محمد بن مروان الروم صائفة في أربعة آلاف فساروا إليه في ستين ألفًا فهزمهم محمد واستباح عسكرهم وقيل‏:‏ إن هذا كان من ناحية أرمينية‏.‏

وفيها توفي إياس بن قتادة بن أوفى من الطبقة الأولى من التابعين وكان لأبيه قتادة صحبة‏.‏

وفيها توفي سلم بن زياد ابن أبيه أمير خراسان‏.‏

وكان جوادًا ممدحًا يعطي ألف ألف الدرهم مات بالبصرة‏.‏

وفيها توفي مالك بن أوس بن الحدثان أحد بني نصر بن معاوية بن هارون‏.‏

قيل له صحبة وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من التابعين‏.‏

وفيها استعمل عبد الملك بن مروان أخاه محمدًا على الجزيرة وأرمينية وكانت بحيرة الطريخ التي بأرمينية مباحة لم يتعرض إليها أحد بل كان يأخذ منها من شاء فمنع من صيدها وجعل عليها من يأخذه ويبيعه ويأخذ ثمنه وصارت بعده لابنه مروان ثم أخذت منه لما انتقلت الدولة الأموية وهي الآن على ذلك الحجر‏.‏

ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء‏.‏

وهذا الطريخ من عجائب الدنيا فإنه سمك صغار له كل سنة موسم يخرج من هذه البحيرة في نهر يصب إليها كثيرًا يؤخذ بالأيدي وغيرها فإذا انقضى موسمه لا يوجد منه شيء‏.‏

وفيها عزل عبد الملك خالد بن عبد الله عن البصرة وولاها أخاه بشرًا في قول‏.‏

وفيها توفي مالك بن مسمع بن غسان الربعي البصري من الطبقة الأولى من التابعين‏.‏

ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم سبعة أذرع وتسعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وثلاثة أصابع‏.‏

السنة التاسعة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة أربع وسبعين‏:‏ فيها سار الحجاج من مكة بعدما بنى البيت الحرام إلى المدينة فأقام بها ثلاثة أشهر يتعنت أهلها وبنى بها مسجدًا في بني سلمة يعرف به وأخذ بعض الصحابة وختم عليهم في أعناقهم‏.‏

روى الواقدي عن ابن أبي ذؤيب عمن رأى جابر بن عبد الله مختومًا في يده ورأى أنس بن مالك مختوما في عنقه يذلهما بذلك‏.‏

قال الواقدي‏:‏ وحدثني شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال‏:‏ رأيت الحجاج أرسل إلى سهل بن سعد الساعدي فقال‏:‏ ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين عثمان فقال‏:‏ قد فعلت قال‏:‏ كذبت ثم أمر به فختم في عنقه برصاص‏.‏

وفيها توفي بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية وهو متولي البصرة وكان ولي العراق والكوفة قبل ذلك‏.‏

وقحط الناس أيام بشر فاستسقى فمطروا ثم مر بشر بسراقة وكان سراقة قد عمل فيها أبياتًا فرأى سراقة يحول الماء من داره فقال بشر‏:‏ ما هذا يا سراقة فقال‏:‏ هذا ولم ترفع يديك في الدعاء فلو رفعتهما لجاءنا الطوفان‏.‏

ومات بشر المذكور من البلاذر فإنه شربه بطوس فاعتل ولزم الفراش حتى مات‏.‏

وفيها توفي رافع بن خديج بن رافع بن عدي الأنصاري الصحابي من الطبقة الثالثة من الأنصار شهد أحدًا وما بعدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنيته أبو عبد الله وأمه حليمة بنت عروة بن مسعود‏.‏

وفيها توفي أبو سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة الصحابي من الطبقة الثالثة من الأنصار واستصغر يوم أحد فرد‏.‏

قال أبو سعيد‏:‏ فخرجنا نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل من أحد ببطن قباء فنظر إلي وقال‏:‏ سعد بن مالك فقلت‏:‏ نعم بأبي أنت وأمي‏.‏

فدنوت منه وقبلت ركبته فقال‏:‏ آجرك الله في أبيك وكان قتل يومئذ شهيدًا‏.‏

وفيها توفي سلمة بن الأكوع وكنيته أبو مسلم الصحابي من الطبقة الثالثة من المهاجرين‏.‏

قال سلمة‏:‏ غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أبو عبد الرحمن القرشي العدوي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وهو من الطبقة الثانية من المهاجرين وأمه زينب بنت مظعون بن حبيب وهو شقيق حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

أسلم عبد الله قديمًا بمكة قبل البلوغ وهو من العبادلة الأربعة‏:‏ وهم عبد الله بن عمر هذا وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين وهو من المكثرين في رواية الحديث‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وإصبعان‏.‏

مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعًا وخمسة عشر إصبعًا‏.‏

السنة العاشرة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة خمس وسبعين‏:‏ فيها حج بالناس الخليفة عبد الملك بن مروان وخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظنها أول حجته في الخلافة‏.‏

وفيها ولى الخليفة عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف على العراق‏.‏

وفيها خرج عبد العزيز بن مروان صاحب الترجمة من مصر وافدًا على أخيه الخليفة عبد الملك بن مروان بالشام واستخلف على مصر زياد بن حنظلة التجيبي‏.‏

وتوفي زياد بعد ذلك بمدة يسيرة في شوال وتخلف على مصر الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان حتى قدم أبوه عبد العزيز من الشام‏.‏

وفيها ولى عبد الملك المدينة يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية‏.‏

وفيها خرج ملك الروم بجيوشه ونزل على مرعش من أعمال حلب فندب عبد الملك لقتاله أخاه محمد بن مروان فهزم محمد الروم وغلبهم‏.‏

وفيها ضرب عبد الملك بن مروان على الدينار والدرهم اسم الله تعالى‏.‏

وسببه أنه وجد دراهم ودنانير تاريخها قبل الإسلام بثلاثمائة سنة أو بأربعمائة سنة مكتوب عليها‏:‏ باسم الأب والابن وروح القدس‏.‏

قال الزهري‏:‏ كانت الدراهم على ثلاثة أصناف‏:‏ الوافية وزن الدرهم مثقال والبغلية وزن الدرهم نصف مثقال والزيادية وزن العشرة ستة مثاقيل‏.‏

فجمع عبد الملك هذه الأصناف وضربها على ما هي الآن عليه‏.‏

وفيها توفي توبة بن الحمير بن عقيل بن كعب بن ربيعة الخفاجي‏:‏ أحد عشاق العرب صاحب ليلى الأخيلية بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب وكانت أشعر نساء زمانها لا يقدم عليها غير الخنساء‏.‏

قيل‏:‏ إن ليلى هذه دخلت على عبد الملك بن مروان فقال لها‏:‏ ما رأى منك توبة حتى عشقك فقالت‏:‏ ما رأى الناس منك حين جعلوك خليفة‏!‏‏.‏

وقال الشعبي‏:‏ ودخلت ليلى الأخيلية على الحجاج وأنا حاضر فقال‏:‏ ما الذي أقدمك علينا‏.‏

فقالت‏:‏ إخلاف النجوم وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهد وأنت لنا بعد الله الرفد فقال لها‏:‏ صفي حال البلاد فقالت‏:‏ أما الفجاج فمغبرة وأما الأرض فمقشعرة ثم ذكرت أشياء من هذه المقولة إلى أن قالت‏:‏ وقد أصابتنا سنون لم تدع لنا هبعًا ولا ربعًا ولا عافطةً ولا نافطةً ذهبت الأموال ونزحت الرجال‏.‏

وأما أشعار توبة المذكور فيها وتشبيبه بها فكثيرة ليس هذا موضع ذكرها‏.‏

وفيها توفي أبو ثعلبة الخشني القضاعي واسمه جرثوم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز إلى غزوة حنين وقيل‏:‏ إنه شهد بيعة الرضوان وحنينًا ونزل الشام وتوفي بها‏.‏

وفيها توفي سليم بن عتر التجيبي المصري أبو سلمة عالم مصر وقاضيها من الطبقة الأولى من التابعين وهو أول من قص بمصر في سنة تسع وثلاثين وشهد فتح مصر‏.‏

وفيها توفي شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية ابن عامر أبو أمية قاضي الكوفة من الطبقة الأولى من التابعين الكوفيين وقيل إنه صحابي‏.‏

وفيها كان وقوع الطاعون بالكوفة‏.‏

وفيها توفي صلة بن أشيم العدوي أبو الصهباء من الطبقة الأولى من تابعي الصحابة بالبصرة‏.‏

وفيها توفي عمرو بن ميمون الأودي أود بني صعب بن سعد من الطبقة الأولى من التابعين أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقه‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وسبعة أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة ثلاثة عشر ذراعًا وتسعة أصابع‏.‏

السنة الحادية عشرة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ست وسبعين‏:‏ فيها خرج صالح بن مسرح التميمي‏.‏

وكان رجلًا صالحًا ناسكًا لكنه كان يحط على الخليفتين عثمان وعلي رضي اله عنهما كهيئة الخوارج فوقع له حروب في هذه السنة إلى أن توفي من جرح أصابه في حروبه بعد مدة في جمادى الآخرة وعهد لشبيب بن يزيد فوقع لشبيب المذكور مع الحجاج بن يوسف حروب ووقائع كثيرة أكثرها لشبيب على الحجاج حتى دخل شبيب في هذه السنة الكوفة ومعه امرأته غزالة وكانت غزالة المذكورة تدخل مع زوجها في الحروب وربما قصدت الحجاج فهرب منها‏.‏

وفيها وفد يحيى بن الحكم على الخليفة عبد الملك بن مروان‏.‏

وفيها كان الحجاج على العراق وفعل تلك الأفعال القبيحة وكان على خراسان أمية بن عبد الله بن خالد وعلى قضاء الكوفة شريح وعلى قضاء البصرة زرارة بن أوفى‏.‏

وفيها غزا محمد بن مروان الروم من ناحية ملطية‏.‏

وفيها توفي حبة بن جوين العرني صاحب علي وحبة بالحاء المهملة والباء الموحدة وهو منسوب إلى عرنة بالعين المهملة المضمومة والراء المهملة والنون‏.‏

وفيها حج بالناس أبان بن عثمان بن عفان أمير المدينة بعد أن ولاه عبد الملك إمرتها في أول السنة‏.‏

وفيها ولد مروان بن محمد الجعدي المعروف بالحمار آخر خلفاء بني أمية الآتي ذكره في محله‏.‏

وفيها استشهد زهير بن قيس البلوي المصرى أبو شداد في واقعة الروم وقد تقدم ذكره في واقعة إفريقية مع كسيلة وغيره‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعان وأربعة أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعًا وسبعة أصابع‏.‏

السنة الثانية عشرة من ولاية عبد العزيز وهي سنة سبع وسبعين‏:‏ فيها قتل شبيب بن يزيد بن نعيم بعد أن وقع له وقائع مع الحجاج وعماله وهو شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس بن عمرو بن الصلت الشيباني الخارجي‏.‏

خرج بالموصل فبعث إليه الحجاج خمسة قواد فقتلهم واحدًا بعد واحد ثم قاتل الحجاج وحاصره وكسره غير مرة‏.‏

وكانت امرأة شبيب غزالة من الشجعان الفرسان حتى إنها قصدت الحجاج فهرب منها فعيره بعض الناس بقوله‏:‏ الكامل أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر هلا برزت إلى غزالة في الوغى بل كان قلبك في جناحي طائر وفيها خرج مطرف بن المغيرة بن شعبة على الحجاج وخلع عبد الملك بن مروان من الخلافة وحارب الحجاج إلى أن قتل‏.‏

وفيها عبر أمية نهر بلخ للغزو فحوصر حتى جهد هو وأصحابه ثم نجوا بعدما أشرفوا على الهلاك ورجعوا إلى مرو‏.‏

وفيها حج بالناس أبان بن عثمان بن عفان وهو أمير المدينة‏.‏

وكان على البصرة والكوفة الحجاج بن يوسف الثقفي وعلى خراسان أمية المذكور‏.‏

وفيها غزا الصائفة الوليد بن عبد الملك بن مروان‏.‏

وفيها توفي عبيد بن عمير بن قتادة الليثي المكي أبو عاصم من الطبقة الأولى من التابعين من أهل مكة‏.‏

قال عطاء‏:‏ دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضى الله عنها فقالت‏:‏ من هذا فقال‏:‏ أنا عبيد بن عمير قالت‏:‏ أفمن أهل مكة قال‏:‏ نعم قالت‏:‏ خفف فإن الذكر ثقيل‏.‏

قال مجاهد‏:‏ كنا نفتخر بفقيهنا ابن عباس وقاضينا عبيد بن عمير‏.‏

وفيها توفي قطري بن الفجاءة المازني وقيل التميمي كان أحد رؤوس الخوارج حارب المهلب بن أبي صفرة سنين وسلم عليه بأمير المؤمنين‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع وعشرة أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة ثلاثة عشر ذراعًا وسبعة عشر إصبعًا‏.‏

السنة الثالثة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة ثمان وسبعين‏:‏ فيها ولي المهلب بن أبي صفرة خراسان نيابة عن الحجاج وهو يوم ذاك أمير البصرة والكوفة وخراسان وكرمان‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن عبد القاري وله ثمان وسبعون سنة ومسح النبي صلى الله عليه وفيها غزا محرز بن أبي محرز أرض الروم وفتح أرقلة - فلما رجع بعسكره أصابهم مطر شديد من وراء درب الحدث فأصيب منه ناس كثيرة‏.‏

وفيها ولي إمرة الغرب كلها موسى بن نصير اللخمي فسار إليه وقدم إلى طنجة وقدم على مقدمته طارق بن زياد الصدفي مولاهم الذي افتتح الأندلس وأصاب فيها المائدة التي يزعم أهل الكتاب أنها مائدة سليمان عليه السلام‏.‏

وفيها حج بالناس الوليد بن عبد الملك بن مروان وقيل أبان بن عثمان بن عفان أمير المدينة‏.‏

وفيها فرغ الحجاج بن يوسف من بناء واسط‏.‏

وإنما سميت واسط لأنها بناء واسط بين الكوفة والبصرة منها إلى الكوفة خمسون فرسخًا وإلى البصرة كذلك‏.‏

وفيها عزل عبد الملك عامل خراسان وضم ولايتها وولاية سجستان إلى الحجاج فسار الحجاج إلى البصرة واستخلف عليها المغيرة بن عبد الله بن أبي عقيل‏.‏

وفيها قدم المهلب على الحجاج فأجلسه معه على سريره وأعطى أصحابه الأموال وقال‏:‏ هؤلاء حماة الثغور‏.‏

وفيها توفي جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري الصحابي أبو عبد الله وهو من الطبقة الأولى من الأنصار شهد العقبة الثانية مع الأنصار وكان أصغرهم سنًا وأسلم قبل العقبة الأولى بعام وأراد أن يشهد بدرًا فخلفه أبوه على إخوته‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن غنم بن كريب الأشعري اختلفوا في صحبته ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أنصار أهل الشام بعد الصحابة وقيل‏:‏ هو تابعي ثقة وقيل‏:‏ إنه أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلقه‏.‏

قال ابن الأثير‏:‏ أدرك الجاهلية وليست له صحبة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ستة أذرع وثمانية أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وعشرون إصبعًا‏.‏

السنة الرابعة عشرة من ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر وهي سنة تسع وسبعين‏:‏ فيها استولى الحجاج بن يوسف على البحرين واستعمل عليها محمد بن صعصعة الكلابي وضم إليه عمان فخرج عليه الريان البكري فهرب محمد وركب البحر حتى قدم على الحجاج‏.‏

وفيها غزا الوليد بن عبد الملك بن مروان ملطية فغنم وسبى وعاد إلى أبيه عبد الملك‏.‏

وفيها كان الطاعون العظيم بالشام‏.‏

وفيها قتل الخليفة عبد الملك بن مروان الحارث بن عبد الرحمن بن سعد الدمشقي الذي ادعى النبوة وكان انضم عليه جماعة كبيرة‏.‏

وفيها توفي عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي كان من الطبقة الأولى من التابعين من أهل الكوفة روى عن علي بن أبي طالب وابن مسعود‏.‏

وفيها أصاب الناس طاعون شديد حتى كادوا يفنون فلم يغز أحد تلك السنة فيما قيل‏.‏

وفيها أصاب الروم أهل أنطاكية وظفروا بهم‏.‏

وفيها استعفى شريح بن الحارث من القضاء فأعفاه الحجاج واستعمل على القضاء أبا بردة بن أبي موسى الأشعري‏.‏

وفيها توفي النابغة الجعدي واسمه قيس بن عبد الله بن عديس وقيل عبد الله بن قيس وقيل حسان بن قيس وكنيته أبو ليلى وكان من شعراء الجاهلية ولحق الأخطل ونازعه بالشعر وله صحبة ووفادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال الذهبي‏:‏ وقال يعلى بن الأشدق - وليس بثقة -‏:‏ سمعت النابغة يقول‏:‏ أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ الطويل بلغنا السماء مجدنا و جدودنا وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا فقال‏:‏ أين المظهر يا أبا ليلى فقلت‏:‏ الجنة قال‏:‏ أجل إن شاء الله ثم قلت أيضًا‏:‏ ولا خير في جهل إذا لم يكن له حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لا يفضض الله فاك ‏"‏ مرتين‏.‏

ومات النابغة بأصبهان وله مائة وعشرون سنة وقيل مائة وستون سنة وقيل مائتا سنة‏.‏

وفيها توفي محمود بن الربيع وكنيته أبو إبراهيم ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وخمسة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعًا وسبعة عشر إصبعًا‏.‏